وزارة التربية الوطنية تُعد تصورا شاملا لحل مشاكل التوجيه المدرسي والمهني

وزارة التربية الوطنية تُعد تصورا شاملا لحل مشاكل التوجيه المدرسي والمهني

 

 

 

هسبريس - سكينة الصادقي

 

وعد البرنامج الحكومي بإعادة النظر في آليات التوجيه؛ لأنها غير ناجعة حسبه في الوقت الحالي، ولا تتيح انتقالا موفقا من التعليم الثانوي إلى التعليم العالي.

إشكاليات التوجيه كانت موضوع سؤال تقدم به البرلماني محمد هيشامي إلى وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، من أجل معرفة الإجراءات المتخذة لإعادة النظر في التوجيه وتصور الحكومة بهذا الخصوص.

تصور الوزارة

في هذا السياق أكدت الوزارة، في جواب توصلت به هسبريس، أنها ماضية في تفعيل هذا الورش الملتزم به أمام الملك محمد السادس، وذلك من خلال العمل على تعزيز وترسيخ مختلف المكتسبات والممارسات الجيدة التي تم تحقيقها في سياق تنزيل أحكام القانون الإطار رقم 51.17، مع ما يتطلبه الأمر من إعطاء نفس جديد لها من خلال تأطيرها وفق أولويات وتوجهات النموذج التنموي الجديد والبرنامج الحكومي 2021- 2026.

وعلى مستوى تعزيز وترسيخ المكتسبات في مجال التوجيه المدرسي والمهني، وفي سياق تنزيل أحكام القانون الإطار رقم 51.17، أعدت الوزارة تصورا شاملا لنظام التوجيه المدرسي والمهني والإرشاد الجامعي يرتكز على محورية المشروع الشخصي للمتعلم منذ مرحلة التعليم الابتدائي (مرحلة الاستئناس بالمشروع) إلى غاية التكوين المهني والتعليم العالي (مرحلة تدقيق المشروع) ومرورا بسلكي التعليم الثانوي الإعدادي (مرحلة بناء المشروع) والتأهيلي (مرحلة توطيد المشروع).

 

كما يرتكز هذا التصور على ضرورة مواكبة المتعلم بشكل شمولي وعلى مستوى مختلف الأبعاد طيلة هذا المسار بما يجعله قادرا على النجاح الأكاديمي، وتدبيره الذاتي لمساره الدراسي والتكويني في أفق تحقيق الاندماج الاجتماعي والمهني في إطار مشروع شخصي يعكس طموحاته المستقبلية، ويستند إلى ميوله وقدراته الفعلية.

ولهذا الغرض، أضاف المصدر ذاته، تم إرساء أربعة أنواع من المواكبة داخل الوسط المدرسي، في إطار من التآزر وتكامل الأدوار بين المستشارين في التوجيه التربوي تخصصياً، وهيئة التدريس بيداغوجياً، وأطر الإدارة التربوية إدارياً، والأسر اجتماعيا.

الأولى “مواكبة تخصصية” أنيطت بالمستشارين في التوجيه التربوي، وتقوم على تقديم خدمات الإعلام والاستشارة والمواكبة النفسية الاجتماعية لفائدة المتعلمين طيلة مدة تمدرسهم بالتعليم الثانوي بسلكيه الإعدادي والتأهيلي، وهي مواكبة تشتغل بمقاربة التفريد من خلال الاستجابة لطلبات المتعلمين وحاجاتهم من هذه الخدمات، عبر إجراء سلسلة من المقابلات الفردية أو الجماعية معهم ومع أولياء أمورهم. وتتعزز هذه المقارية أكثر عند نهاية سلك البكالوريا حيث تكون طلبات المتعلمين أكثر دقة وتخصيصا.

و”مواكبة تربوية بيداغوجية” أسندت إلى هيئة التدريس، وتقوم على تنمية مجموعة من كفايات الاختيار لدى المتعلمين على امتداد التعليم الثانوي بسلكيه الإعدادي والتأهيلي وبالاستناد إلى مكتسبات التعليم الابتدائي من خلال مكون المشروع الشخصي المدرج ضمن المنهاج الجديد لهذه المرحلة التعليمية.

ومن شأن تملك المتعلمين لهذه الكفايات الحد من قلق وهواجس الاختيار عموما، وتلك المتعلقة بمسار ما بعد البكالوريا على وجه الخصوص، حيث تشتغل هذه المواكبة البيداغوجية بمقاربة وقائية أساسها تتبع قدرة المتعلم على مواجهة مختلف الوضعيات التي تتطلب منه القيام برسم وتدبير مساره الدراسي والتكويني والمهني، ولاسيما وضعيات الانتقال ما بين الأسلاك وما بين مختلف قطاعات التربية والتكوين ووضعيات الاندماج المهني.

أما فيما يخص “المواكبة التقنية الإدارية” تحت مسؤولية أطر الإدارة التربوية، تتم بمؤازرة من أطر الدعم التربوي والإداري والاجتماعي، من خلال اشتغالهم على توفير بيئة مدرسية منفتحة ومواكبة للمشاريع الشخصية للمتعلمين، عبر جعل مكون التوجيه المدرسي والمهني في صلب اهتمامات مشاريع المؤسسات ومختلف برامج عملها، والعمل على إرساء أندية تربوية موجهة، وكذا من خلال ضبط مساطر التوجيه المدرسي والمهني ومساعدة المتعلمين على حسن الاستفادة منها.

 

هذا بالإضافة إلى “مواكبة أسرية” تقوم على إشراك الأسرة في تتبع تمدرس وتوجيه أبنائها بما يدعم جهود المؤسسات التعليمية في مواكبة المتعلمين لتحقيق أقصى درجات نجاحهم الأكاديمي واندماجهم الاجتماعي والمهني مستقبلا.

ولدعم هذا التصور الجديد، اتخذت الوزارة عددا من الإجراءات والتدابير التي تم إنجازها منذ صدور القانون الإطار رقم 51.17، ولاسيما منها التدابير الآتية المهيكلة للمنظومة التربوية. ويتعلق الأمر بمأسسة التصور الجديد بقرار وزاري (رقم 062.19 بتاريخ 7 أكتوبر 2019) بشأن التوجيه المدرسي والمهني والجامعي، يضمن الطابع المندمج والمستعرض لنظام التوجيه بين قطاعات التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي، وتدقيق بعض مقتضياته بمذكرات وزارية ومقرر وزاري على مستوى قطاع التربية الوطنية (المذكرات 105، و106، و114 بتاريخ 8 أكتوبر 2019، والمقرر رقم 013.21 بتاريخ 17 فبراير 2021).

وأضاف جواب الوزارة إدماج مكون خاص بالمشروع الشخصي للمتعلم واستكشاف المهن ضمن مادة جديدة (أنشطة تنمية المهارات الحياتية) في إطار مراجعة وتنقيح منهاج سلك التعليم الابتدائي، ودخول هذا المكون حيز التطبيق ابتداء من الدخول المدرسي الحالي؛ و إطلاق منصة رقمية لتدبير مسطرة التوجيه المدرسي والمهني ابتداء من الموسم الدراسي 2020. 2021 عبر منظومة “مسار” لفائدة تلاميذ جميع المستويات الدراسية المعنية منذ نهاية السنة السادسة من التعليم الابتدائي، مع تخصيص مستوى السنة الثالثة من التعليم الثانوي الإعدادي، كتتويج لمرحلة بناء المشروع الشخصي، بمحطة مهمة تتعلق بمساعدة المتعلمين على تدقيق اختياراتهم الدراسية الأولية في أفق تجويد مخرجات المسطرة.

وتعمل الوزارة على تطوير مكون خاص بتحديد جانبيات المتعلمين نهاية السنة الثانية من سلك البكالوريا على منظومة “مسار” لتوظيفها في مسطرة ولوج مسالك السنة الأولى بالمؤسسات الجامعية ذات الولوج المفتوح بتنسيق مع قطاع التعليم العالي. ثم دعم قدرات هيئة التدريس وأطر الإدارة التربوية وأطر الدعم التربوي والإداري والاجتماعي في مجال التوجيه المدرسي والمهني من خلال إدراج مجزوءات خاصة ضمن التكوين الأساسي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، وعبر دورات للتكوين المستمر للأساتذة فيما يتعلق بالمواكبة التربوية البيداغوجية.

كما عملت الوزارة على الرفع من أعداد المستشارين في التوجيه التربوي لتحسين نسب تأطير المؤسسات الثانوية والتلاميذ، حيث تم الانتقال من تكوين 30 مستشارا في التوجيه التربوي سنويا إلى تخصيص 350 منصبا لفوج 2020-2022.

إكراهات

عبد العزيز سنهجي، خبير ومختص في مجال سوسيولوجيا التوجيه والإدماج المهني، أكد أنه بالرغم من جسامة الرهانات وهذه التطلعات المجتمعية لا يزال المجال يعاني من إكراهات قد تربك تجسيد وضمان تحقيق الطموحات، والمتمثلة أساسا في أن ورش بلورة توجهات الإصلاح في مجال التوجيه يحتاج لسيرورة تحضيرية تستوعب مقومات وغايات النموذج البيداغوجي الجديد وأسس الإصلاح بكامله، واستخلاص الدروس والعبر من التجارب السابقة من أجل ترصيد المكتسبات وتجاوز الإكراهات، وذلك من خلال إنجاز تقييم شامل لنظام التوجيه القائم، إضافة إلى تعزيز مبدأ التشاور والتفكير المتقاسم مع الفاعلين المعنيين والشركاء تجسيدا للروح الوطنية في التعاطي مع مجال مهيكل وداعم ومحفز على الإصلاح.

وأشار المتحدث، في تصريح لهسبريس، إلى الخصاص الكبير في أطر التوجيه التربوي على مستوى مختلف البنيات الإدارية والخدماتية والتأطيرية وما صاحبه من ارتفاع مهول في نسب تأطير المتعلمات والمتعلمين والمتدخلين مما يعيق تنزيل خدمات القرب في إطار مرافقة المتعلمات والمتعلمين في بناء وترسيخ وتحقيق مشاريعهم الشخصية سواء كانت دراسية تكوينية أو حياتية في إطار تجسيد التعلم والتكوين مدى الحياة.

وتابع الباحث الإكراهات المرتبطة بتعدد القطاعات الوزارية المتدخلة في مجال التوجيه المدرسي والمهني والجامعي، وضعف التنسيق الدائم والمستمر استنادا إلى برامج عمل تعاقدية التقائية تحدد المسؤوليات وتضبط التزامات كل طرف على حدة، ناهيك عن تقادم الهندسة البيداغوجية المعمول بها حاليا، وما تطرحه من صعوبات في ترصيد مكتسبات المتعلمين والمتعلمات و دعم استكمال مسارات تعليمهم في إطار علاقة انسجام والتقائية الأسلاك التعليمية والمستويات الدراسية.

ويضاف إلى ما سبق، ضعف الجسور والممرات بين التعليم المدرسي والتكوين المهني وصعوبة ترصيد تجارب التكوين والحياة في إطار المصادقة على التجارب الشخصية والمهنية والحرفية مما يحول دون ضمان استدامة التكوين والتعلم مدى الحياة، في غياب إطار وطني للإشهاد وآلية للمصادقة على التجارب والمكتسبات الحياتية، بالإضافة إلى تضارب وتناقض في بعض النصوص التشريعية والتنظيمية والتأطيرية، والتي تنتمي لحقب مختلفة من محطات الإصلاح التربوي، انطلاقا مع الميثاق الوطني للتربية والتكوين وصولا الى الرؤية الاستراتيجية ومرورا بالبرنامج الاستعجالي، مما جعلها نصوصا متجاوزة وغير منسجمة، الشيء الذي ساهم في إرباك تدخلات المهنين وزكى الالتباس والغموض الميداني، ثم غياب صنافة وطنية للمهن، ومعطيات دقيقة حول متطلبات سوق الشغل.

 

واقترح الخبير للارتقاء بمجال التوجيه المدرسي والمهني والجامعي، ضرورة فتح نقاش عمومي حول ورش التوجيه في أبعاده التشريعية والتنظيمية والمهنية والأخلاقية من أجل ترصيد الإنجازات وتجاوز الإكراهات والصعوبات المرصودة ميدانيا، وفق نظرة تتعاطى مع المجال بمقاربة نسقية إستراتيجية تستحضر الطبيعة المستعرضة للتوجيه وقدرته على تحقيق انتظامية نسق التربية والتكوين والبحث العلمي والتلقائية مكونات النموذج البيداغوجي استنادا إلى التقدم العالمي الحاصل في إطار الدراسات المقارنة، مع تدقيق أسس بناء خيارات التوجيه التي ستحدد ما هو طوعي / اختياري وما هو مفروض / إجباري بالنسبة للمتعلمين (مرحلة التعليم الإجباري)، وما يتصل بالموازنة بين مبدأ ضمان حركية المتعلم في المسارات التعليمية والتكوينية والمهنية المتاحة، وبين استيفاء المستلزمات البيداغوجية والكفايات ومعايير الاستحقاق اللازمة لولوج هذه المسارات.

 

 

 

Autres sites :

massar-service.ma

massare-service.ma

recrutement-far.ma

recrutement-gr.ma

www.cursussup.com

Pour plus d'infomation visiter le site orientation-chabab.com